إنّ دور المؤسسات الإعلامية في تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي يعدّ من أمهات القضايا في واقعنا المعاصر، بل أمُّ المرجعيات في تشييد المعمار الحضاري وبناء صرحه الثقافي، وعليها يتأسس بناء المجتمعات في وحدتها وتنميتها ونهضتها وريادتها في شتى مناحي الحياة الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ونظرا لما تعانيه الإنسانية اليوم من تصاعد حدة عدم التسامح وكثرة الصراعات والنزاعات وسيادة ثقافة الإرهاب وانتشار خطاب الكراهية والتمييز العنصري في التحيز والتعصب دون مبرر علمي أو منطق واضح، وتكفير الآراء والأفكار، والاتهام غير المسوغ للآخرين؛ تشويها وتزييفا وفبركة، وسرعة وصمهم بصفات تبرز مهاجمتهم، وأحيانا التخلص منهم، فإنّ المجتمع العالمي المعاصر عامة والمجتمع العربي خاصة في أمس الحاجة إلى مؤسسات إعلامية صادقة متوازنة وإيجابية في إشاعة ثقافة الحوار المبني على قاعدة السّلام الذي يعزز ويدعم قيم التسامح والتعايش السلمي ويؤكد مفاهيم التواصل الحضاري مع الشعوب والثقافات الأخرى في ضوء الاحترام المتبادل معها، وهذا من أجل صناعة جيل قادر على مواجهة التحديات التي تفرضها العولمة وفي الوقت نفسه قادر على تجاوز ذاته إلى الإحساس بالآخر والاستعداد النفسي قبل المادي لأن يتعايش معه.